الاثنين، 4 يناير 2021

02-الحقوق المتعلقة بالإنسان بعد موته وأسباب الإرث نسب "ن" ، نكاح "ن"، ولاء "و"

 افتتاحية نسأل الله الفتح

الحمد لله ، قدَّر المواريث في كتابه ، فأعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه . وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، فرضَ المواريثَ بعلمهِ ، وقسَّمها بين أهلهِا بحسبِ ما تقتضيه حكمتُه .وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ، أمرَ صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبهِ وحزبِه .بتنفيذ المواريث وفق ما شرعه ربُّه .
وبعد : فقد استعنتُ باللهِ تعالى على شرحِ علمِ الفرائضِ ، أتعرَّض فيه لأهمّ المباحث الفرضيَّة ، موضِّحًا ذلك بحلّ جملة من المسائل الحسابيّة، مع التزامي بالاختصار ، والبُعد ـ ما أمكن ـ عن الأمور الخلافيَّة ، راجيًا مولاي جلّ وعلا أن يتقبَّله بقبول حسن ، وأن ينفع به طلبة العلم ، وأن يجعله في موازين حسناتي يوم ألقاه . إنَّه بالإجابة جدير ، وكلُّ مُسْتَصْعَبٍ عليه يسير .
نذكرُ ببعض ما سبق :
فرض الله جلّ وعلا المواريث بحكمته وعلمه ، وقسمها بين أهلها أحسن قسم وأتمَّه ؛ فجاءت آيات المواريث شاملةً لكلّ ما يُمكن وقوعه .
وكذا رسوله صلى اللهُ عليه وسلم بيَّن ما أُنزل إليه من ربِّه أتمَّ بيان ، وأمر بإلحاق الفرائض بأهلها ، سواء منهم الإناث والذكران .

فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ "فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج :12 / 85- كتاب الفرائض / 5- باب ميراث الولد من أبيه وأمه /حديث رقم :6732
حكمة مشروعية الإرث

الإنسانُ في هذه الحياة أكرمُ مخلوقاتهِا ، وهو مُستَخْلَفٌ في الأرضِ ، ومحتاجٌ إلى ما يضمنُ له بقاء هذا الاستخلاف .
والمال وسيلة لتحقيق ذلك ، يحتاج إليه الإنسان ما دام على قيد الحياة ،
فإذا مات انقطعت حاجته ، فكـان من الضروري أن يخلفه في ماله مالكٌ جديدٌ . فلو جُعل ذلك المالك الجديد أولَ شخص يحوز المال ويستولي عليه ، لأدَّى هذا إلى التشاحن والتنازع بين الناس ، وتغدو الملكية حينها تابعة للقوة والبطش .
من أجل ذلك جعلت الشريعة المالَ لأقارب الميت ، كي يطمئنّ الناس على مصير أموالهم ؛ إذ هم مجبولون على إيصال النفع لمن تربطهم بهم رابطة قوية من قرابة أو سبب

عِلْمُ الْمِيرَاثِ: لغةً له عدة معان :
*البقاء: "وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ" الحجر23
" وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ" الباقون نرث جميع الخلق .تفسير الجلالين.
"........ومتِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتنا ما أحييتَنا ، واجعَلهُ الوارثَ منَّا ...."أي أبْقِهم في صحةٍ وعافيةٍ إلى أنْ أمُوتَ " هذا قول ابن شُمَيل كما في الهروي"
*انتقال ملكية الشيء من شخصٍ لآخر ؛أو من قومٍ لآخرين كما قال سبحانه " وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا "الأحزاب27
والميراث أعم من أن يكون مالًا فقط ؛فقد يكون
* شرفًا: مثل قوله تعالى "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ"النمل16
"وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ": أي ورث :النبوة والعلم دون باقي أولاده. تفسير الجلالين.
*علمًا: فقد يكون الميراثُ علمًا ،كما قال صلى الله عليه وسلم
:
مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ عِلمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحَتَها رضًا لطالبِ العلمِ ، وإنَّ طالِبَ العِلمِ يستَغفرُ لَهُ مَن في السَّماءِ والأرضِ ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ ، وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ علَى سائرِ الكواكِبِ ، إنَّ العُلَماءَ هُمْ ورَثةُ الأنبياءِ ، إنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا ، إنَّما ورَّثوا العِلمَ ، فمَن أخذَهُ أخذَ بِحَظٍّ وافرٍ"
الراوي : أبو الدرداء - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 183 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية

وَالإْرْثُ اصْطِلاَحًا : عَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي أَفْضَل الدِّينِ الْخُونَجِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: بِأَنَّهُ حَقٌّ قَابِلٌ لِلتَّجَزُّؤِ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقِّهِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ نَحْوِهَا .ا.هـ
أي هو :
انتقال الملكية من المتوفى إلى من يستحقها.أو هو قواعد يُعرف بها نصيب كلِّ مُستَحِقٍ .
- وَيُسَمَّى أَيْضًا عِلْمَ الْفَرَائِضِ - وهُوَ عِلْمٌ بِأُصُولٍ مِنْ فِقْهٍ وَحِسَابٍ تُعَرِّفُ حَقَّ كُلٍّ ذي حقٍّ فِي التَّرِكَةِ.
والفرض أيضًا :السهم المُقَدَّر للوارثِ.

الحقوق المتعلقة بالإنسان بعد موته

إن كثيرًا من الأولياء والورثة إذا نزل قضاء الله بميتهم احتاروا وترددوا، وبعضهم لا يعلم ماذا يفعل في مثل هذه الأحوال، ويتسبب الجهل، والذهول بالمصيبة التي وقعت بأخطاء كثيرة، فلا بد للميت من حق يُقام به نحوه، يقومُ به الحيُّ، إنهم أولياؤه وورثتُه، ينبغي عليهم أن يعلموا ماذا يفعلون بميتهم إذا نزل به أمر الله، ما هي حقوق الميت على ورثته وأوليائه؟ وكل منا سيقف ذلك الموقف ما شاء الله.
إذا نزل قضاء الله، فإنه لا بد من صيانة الميت، وجاءت الشريعة
بإغماض عينيه، وتغطية جميع جسده، ثم المبادرة إلى تغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وهذه من الحقوق التي لا بد منها، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراع بالجنازة:

لما روى البخاري (1315) ومسلم (944) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ ، وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ" .
وقيمة الكفن من مالهِ هذا هو الأصل، كما قال عليه الصلاة والسلام في الذي مات محرماً: "كفنوه في ثوبيه"
عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ : أُتِيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ برجُلٍ وقَصتهُ راحلتُهُ، فماتَ وَهوَ مُحرِمٌ، فقالَ: كفِّنوهُ في ثوبيهِ، واغسِلوهُ بماءٍ وسدرٍ، ولا تُخمِّروا رأسَهُ، فإنَّ اللَّهَ يبعثُهُ يومَ القيامةِ يُلبِّي
الراوي : عبدالله بن عباس- المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 3238- خلاصة حكم المحدث صحيح- انظر شرح الحديث رقم 1952 -

ويقدم تكفينه على الدَّينِ، والوصيةِ، والإرثِ، فهذا أول حق مالي للميت ما يتعلق بتجهيزه من أُجرةِ غاسلٍ، وثمنِ كفنٍ، وأُجرَةِ حفَّارٍ، ونحو ذلك، وإن تبرع بها مَن تبرع من المسلمين فلهم الأجر والثواب من اللهِ تعالى.

 ويقدم تكفينه على الدَّينِ، والوصيةِ، والإرثِ، فهذا أول حق مالي للميت ما يتعلق بتجهيزه من أُجرةِ غاسلٍ، وثمنِ كفنٍ، وأُجرَةِ حفَّارٍ، ونحو ذلك، وإن تبرع بها مَن تبرع من المسلمين فلهم الأجر والثواب من اللهِ تعالى.

وكذلك فإن أي وصية فيها حرام، أو بدعة فيما يتعلق بهذا الأمر فيجب على الأولياء والورثة إيقافها، وعدم تنفيذها، كما لو أوصى بأن يُدفنَ في مسجد، أو داخل بيت، أو أن يُبنى عليه قُبة، أو ضريح ونحو ذلك، فكله حرام لا يجوز تنفيذه.
فإن أوصى بكفنٍ معينٍ معتاد فعلى الورثة تنفيذ الوصية، كما صنع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين أوصى أن يُكفن في جبة صوف كان لقي المشركين فيها يوم بدر فكفن فيها.
والصلاة على الميت فرض على الكفاية، يتقدم أقرباؤه للصلاة عليه، فإن أراد ابنه أن يؤم الناس فله ذلك إذا كان يحسن صلاة الجنازة، فأولياؤه أشفق عليه، وأجدر بالإخلاص في الدعاء له.
ثم يحمل، ويدفن، ويتولى إدخاله في قبره الوصي الذي أوصى له بذلك، ثم أقاربه، وإن تخلو عن هذا لمن شاء من المسلمين أن يدليه في قبره فله الأجر والثواب.
ويكره لأهل الميت أن يصنعوا الطعام للناس، وهذه كراهة تحريمية، فجمع الناس على العزاء، وصنع الطعام نياحة وإثم، لما جاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: كنَّا نرى الاجتماعَ إلى أَهلِ الميِّتِ وصنعةَ الطَّعامِ منَ النِّياحة.
الراوي : جرير بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم: 1318 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
وإنما الطعام يصنع لأهل الميت، ولا بأس أن يطعم معهم من نزل عليهم ضيفاً من أقربائهم الذين جاءوا من الأماكن المختلفة يشاطرونهم المصيبة، فلا بأس أن يطعموا معهم؛ لأن هذا طعام ضيف وليس بطعام عزاء، أما جمع عامة الناس على طعام العزاء فهو من النياحة وهو بدعة محرمة، ولما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبر مقتل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قام فقال:""اصنَعوا لآلِ جَعفرٍ طعامًا فقَدْ أتاهم ما يشغَلُهم أو أمرٌ يشغَلُهم" الراوي : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب- المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم: 1316- خلاصة حكم المحدث : حسن - الدرر السنية

نُجملُ الحقوقَ المتعلقةَ بالإنسانِ بعد موتهِ،تنقسم إلى خمسة أقسام:
أولها مؤمن تجهيز الميت، وهذا قول الإمام أحمد
وثانيها: : أداء الدين وقضاء الدين المتعلق بعين التركة.
كالمال المرهون في دين أو دابة أو نحو ذلك، فيقدم على

الديون المرسلة لتعلق الحق بعينه.

والحق الثالث:
الحقوق المرسلة، وهي المتعلقة بذمة الميت وليس بعين التركة وهي نوعان:
(أ)
حقوق الآدمي، كالقرض وأجرة الدار، وثمن المبيع ونحوها.
(ب)
حقوق اللَّه، كالزكاة، والنذر، والكفارات.
والرابع: الوصايا.
والخامس, الإرث.


وفيما يلي مثال يوضح الترتيب بين الحقوق عند التزاحم.
مثال ذلك:

خَلَّفَ شخص سيارة مرهونة قيمتها خمسة آلاف، مؤونة تجهيزه ألف، وعليه خمسة آلاف لمرتهن السيارة، وأربعة آلاف قرضا، وقد أوصى لشخص بألفين.
ففي هذه الحالة تؤخذ مؤونة التجهيز ألف "
1000" والباقي أربعة آلاف "4000" لمرتهن السيارة.
ولو كانت قيمة السيارة عشرة آلاف، أخذت مؤونة التجهيز، وأعطي المرتهن خمسة آلاف "5000" والباقي أربعة آلاف للمقرض.
ولو كانت قيمة السيارة ثلاثة عشر ألفا أخذت مؤونة التجهيز "1000" وأعطي المرتهن "5000" وأعطي المقرض "4000" وأعطي الموصى له "2000" والباقي "1000" للورثة.هنا
الكتاب : الفرائض-المؤلف : عبد الكريم بن محمد اللاحم

أسباب الإرث في الشريعة الإسلامية

أسباب الإرث في الشريعة الإسلامية ثلاثة :
نسب "ن" ، نكاح "ن"، ولاء "و" .
وهي مجوعة في قولنا "نون"

1 ـ نسب "ن": وهي قرابة الدم أو النسب
2 ـ نكاح "ن" الزوجية : الناشئة عن عقد زواج صحيح ، فالمدار على قيام الزوجية بينهما بالعقد الصحيح وقت الوفاة ، حقيقةً أو حكمًا " وتسمى : قرابة سببية أي بسبب النكاح" .
العقد الصحيح حكمًا مثاله : المعتدة من طلاق رجعي ، فالطلاق الرجعي لا ينهي الزوجية ، وإنما يكون من حق الزوج مراجعة زوجته قبل انقضاء عدتها فالزوجية قائمة حكمًا .
3 ـ الولاء : وهو صلة تربط الشخص بغيره فتجعله في بعض الأحكام كأقاربه وهو ليس من أقاربه .
أ ) ولاء العتق :
ويسمي العصبة السببية أي الآتية من جهة السبب ، وفيه المعتِق وارث ، إذا لم يكن للعبد المعتَق أقارب من جهة النسب ، وكان هذا من عوامل التشجيع على الإعتاق وتحرير الرقاب الذي دعا إليه الإسلام في كثير من الأحكام
وقد قال بهذا السبب من أسباب التوريث جمهور الفقهاء بما فيهم الأئمة الأربعة .
ب) ولاء الموالاة :
وهو ما كان عليه العرب في جاهليتهم من التوارث بالتحالف* والتعاقد .
وقد اعتبر الحنفية ، ولاء الموالاة سببًا من أسباب التوارث ، غير أنه يأتي في المرتبة التالية لميراث ذوي الأرحام .
وأما جمهور الفقهاء فلم يعتبروا " ولاء الموالاة " سببًا موجبًا للتوارث ، وقالوا إنه نُسِخَ بآيات المواريث -كما سبق بيانه .الوجيز في الميراث والوصية / ص : 27 / بتصرف .

* قيل لأنسِ بنِ مالكٍ : بلغك أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال " لا حِلْفَ في الإسلامِ ؟ " فقال أنسٌ : قد حالفَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بين قريشٍ والأنصارِ ، في دارِه ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2529 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 15234- الدرر السنية
الشرح:

الحِلْفُ: العَقْدُ والعَهْدُ، وكانوا يَتَحالفونَ في الجاهليَّةِ على نَصْرِ بَعضِهم بَعضًا في كُلِّ ما يَفعلونَه، فهَدَمَ الإسلامُ ذلك، إلَّا ما كان عهدًا على الحقِّ والنُّصرَةِ على الأخذِ على يدِ الظَّالمِ الباغي، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"لا حِلْفَ في الإسلامِ" أي: لا تَعاهُدَ على ما كانوا يَتعاهدونَ عليه في الجاهليَّةِ ممَّا يُخالِفُ قَواعدَ وشَرائعَ الإسلامِ.
وفي هذا الحديثِ أنَّه لَمَّا سَمِعَ أَنَسُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه هذا الحديثَ، قال: قد حالَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين قُريشٍ والأنصارِ في دَاري، يَقصِدُ المؤاخاةَ بين المُهاجرينَ والأنصارِ للائتِلافِ على الإسلامِ، وهذه المُحالفةُ ليستِ المَنهيَّ عنها؛ لأنَّها لا تُخالِفُ أُصولَ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، وإنَّما سَمَّاها أَنسٌ رضي اللهُ عنه مُحالَفةً لأنَّ معناها مَعنى المُحالَفةِ.
الدرر السنية


-" لا حِلفَ في الإسلامِ ، وأيُّما حِلفٍ كانَ في الجاهليَّةِ لم يَزِدْهُ الإسلامُ إلَّا شدَّةً"الراوي : جبير بن مطعم - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم: 2925 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 22168- الدرر السنية
الشرح:
في هذا الحديثِ يُبَيِّنُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لا حِلْفَ في الإسلامِ، و"الحِلْفُ": هو عقْدُ النُّصرَةِ والتَّعاوُنِ بَيْنَ فَرْدَيْنِ أو قَبِيلَتَيْنِ أو جَمَاعَتَيْنِ؛ والمرادُ بالحِلفِ المنفيِّ حِلفُ التوارُثِ والحِلف على ما مَنَع الشرعُ مِنه، وقيل: وَإِنَّما نُفِيَ الحِلْفُ في الإسلامِ؛ لأنَّ الإسلامَ يُوجِبُ على المسلمِ لِأخيهِ المسلمِ مِنَ التَّعاونِ والأُخوَّةِ والتَّناصرِ ما هو فوقَ المطلوبِ مِنَ الْحِلْفِ؛ فلا معنى لِعقدِ الحلفِ بَيْنَ المسلمينَ.
وما كان مِن حِلْفٍ في الجاهليَّةِ؛ فإنَّ الإسلامَ لا يَزيدُه إلَّا شِدَّةً؛ وكانَ أهلُ الجاهليَّةِ يَتَعاهدونَ على التَّوارثِ والتَّناصُرِ في الحروبِ، وَأداءِ الضَّماناتِ الواجبةِ عليهم وغَيرِ ذلك، فَنَهى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن إِحداثِه في الإسلامِ، وَأقرَّ ما كان في الجاهليَّةِ؛ وَفاءً بِالعهودِ وحِفظًا لِلحقوقِ وَالذِّمامِ. الدرر السنية .


"الولاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النسبِ لا يُباعُ ولا يُوهبُ"الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : إرواء الغليل الصفحة أو الرقم: 1738 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السني
*عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:

"أتَتْ بَريرَةُ تسألُها في كتابتِها، فقالتْ : إن شئتِ أعطَيتُ أهلَكِ ويكونُ الوَلاءُ لي، وقال أهلُها : إن شئتِ أعطَيتِها ما بقِي - وقال سُفيانُ مَرْةً : إن شئتِ أعتقتِها - ويكونُ الوَلاءُ لنا . فلما جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَّرْتُه ذلك، فقال : "ابتاعِيها فأعتِقِيها، فإنَّ الوَلاءَ لمَن أعتَق ". ثم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ - وقال سُفيانُ مرةً : فصعِد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ - فقال :
"ما بالُ أقوامٍ يشتَرِطونَ شُروطًا ليستْ في كتابِ اللهِ، مَنِ اشتَرَط شَرطًا ليس في كتابِ اللهِ فليس له، وإنِ اشتَرَط مِائَةَ مرةٍ ". عن يَحيى قال : سمِعتُ عَمرَةَ قالتْ : سمِعتُ عائشةَ . رواه مالكٌ، عن يَحيى، عن عَمرَةَ : أنَّ بَريرَةَ، ولم يَذكُرْ : صعِد المِنبَرَ .الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 456 - خلاصة حكم المحدث : أورده في صحيحه وقال : رواه مالك عن يحيى عن عمرة أن بريرة . ولم يذكر صعد المنبر .
الشرح:

تَحكي عائشةُ رضي الله عنها أنَّ بَرِيرَةَ بنتَ صَفوانَ- وكانتْ مَوْلَاةً لعائشةَ- أتتْ "تسألُها في كِتابتِها"، أي: تَستعينُ بها على أداءِ ما كاتَبتْ عليه مالِكَها، والكتابةُ أنْ يَتعاقَدَ العبدُ مع سيِّدِه على قَدْرٍ مِن المال إذا أدَّاهُ أصبَحَ حرًّا، "فقالتْ" أي: عائشةُ رضي الله عنها: "إنْ شِئتِ أعطيتُ أهلَكأي: دفعتُ لمَواليكِ ما لهم عليكِ من مالٍ، "ويكونُ الولاءُ لي"، والولاءُ عبارةٌ عن تناصُرٍ يُوجِبُ الإرثَ، "وقال أهلُها"، أي: أهلُ بريرةَ: "إنْ شِئتِ أعطيتِها ما بقِي"، أي: الذي بقِي من مال الكتابةِ في ذِمَّةِ بَريرةَ، "وقال سفيانُ"، هو ابن عُيَيْنَةَ أحدُ الرُّواةِ المذكورينَ في الحديث، وأشار به إلى أنَّ سُفيانَ حدَّثَ به على وَجهينِ: فمرَّةً قال: إنْ شِئتِ أعطيتِها ما بقِي، ومرَّةً قال: إنْ شِئتِ أَعْتَقْتِها، ويكونُ الولاءُ لنا، "فلمَّا جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَّرتْه ذلك" مِن التَّذكيرِ، أي: ذكَّرتْ عائشةُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بما حدَث مع بَريرةَ، "فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم"، أي: لعائشةَ: "ابتاعِيها"، أي: اشترِيها "فأعتقِيها؛ فإنَّ الولاءَ لِمَن أعتَقَ"، ثمَّ قام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المنبرِ- وقال سفيانُ مرَّةً: فصَعِدَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المنبر- فقال: "ما بالُ أقوامٍ"، أي: ما شأنُهم؟ ولماذا يَفعلونَ ذلك؟ "يَشترِطونَ شُروطًا، ليستْ في كتابِ اللهِ"، أي: لا تُوافِقُ شَرْعَ اللهِ تعالى وحُكمَه من كتابٍ أو سُنَّةٍ، "مَن اشترَطَ شَرْطًا ليس في كتاب الله، فليس له"، أي: ذلك الشَّرْطُ، أي: لا يَستحقُّه، "وإنِ اشترَطَ مئةَ مرَّةٍ" ذكَرَ المئةَ؛ للمُبالغةِ في الكثرة، لا أنَّ هذا العددَ بعَينِه هو المرادُ.
وفي هذا الحديثِ: حُسْنُ عِشرةِ الإمامِ مع رعيَّتِه؛ فإنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا خطَب لم يُواجِهْ صاحبَ الشَّرْطِ بعينِه؛ لأنَّ المقصودَ يَحصُل له ولغيرِه بدون فضيحةٍ وشناعة عليه.
وفيه: خُطبةُ الإمامِ عندَ وقوع خَطأٍ وتبيِنُه للنَّاسِ حُكْمَ ذلك وإنكارُه عليهم.
وفيه: المبالغةُ في إزالةِ المنكرِ، والتغليظُ في تقبيحِه.
مثال :
هلك هالك عن: زوجةٍ وعن مُعْتِقٍ :
أي توفي عبد أُعْتِقَ عن : زوجة وعن مُعْتِقٍ- أي مَنْ أعتق هذا العبد من قبل- الحل:
الزوجة ترث : بسبب النكاح
ا لمُعْتِق : يرثُ بسبب الولاء لأن التركة لم يستغرقها الورثة
*توفي معتِقٌ ، وترك ابن . ثم توفي معتَقٌ وترك زوجة له ،وابن عتيقه -أي ابن الرجل الذي أعتق هذا العبد من قبل- .
الحل
الزوجة :ترث بسبب عقد الزوجية
ابن معتِق : يرث بسب الولاء لأنه عصبة للمعتِق الذي هو أبوه .
* هلك معتَقٌ عن زوجةٍ وأبٍ ، و مُعْتِقٍ - .
الحل
الزوجة :ترث بسبب عقد الزوجية
الأب : يرثُ الباقي عصبة بالنسبِ .
وليس للمعتِق - شيئ
لأن ورثة المعتَق استغرقوا التركة .
*
قاعدة :لا ميراث لعصبةِ عصبات المعتِق إلا أن يكونوا عصبَة للمعتِق.
ويتضح ذلك بالمثال :
إذا تزوجت
زينب من قبيلتها "ابن عمها" زيدًا ؛فولدت ابنًا هو عمرو ؛واعتقت عبدًا لها هو عبد الله ثم تُوفيتْ هي وابنها ثم ماتَ العتيقُ " عبد الله " بعدهما؛ فلو وجد ابن عم للابن " عمرو " وليكن " خالد " فإن خالدا يرث ويكون له الولاء لأنه عصبة للمعتِق وهو " زينب " - خالد ابن عم زينب- وهو أيضا عصبة لعصبة المعتِق وهو " عمرو " الذي هو عصبة لزينب لأنه ابنها يرثُها بالتعصيب .

لكن خالدًا يرثُ من جهةِ كونه عصبة لزينب أي من باعتباره عصبة لها - ابن عمها وإن نزل - لا من جهةِ كون خالد عصبة لعمروٍ .
ولذلك لو أن زينب تزوجت من غير ابن عمها- تزوجت مثلا رجلا ليس من أقاربها اسمه حُسين- فلا يرث ابن عم ابنها - أي ابن شقيق حسين - لأنه ليس عصبة للمعتِق " زينب " أي ليس ابن عم زينب ولا يرثها بالتعصيب ،لكنه ابن عم ابنها ولاعلاقة
للمعتَق بهذا العم رغم أنه عصبة لعصبتها – ابنها- فكل علاقته بزينب وعصبتها هي . مقتبس بعضه من ملتقى أهل الحديث هنا
يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَةِ اْلمُعْتِقِ :
فينظر إلى أقرب عصبات
المعتِق يوم موت المعتَق فيكون هو الوارث للمولى - المعتَق - دون غيرِهِ.
كما أن السيد -
المعتِق -لو مات قبل المُعتَقِ أى المولى - ثم مات المُعتَق وخَلَفَ: ابنَ مولاه وابن ابن مولاه كان ميراثه لابن مولاه لأنه أقرب عصبات سيده - المعتِق-.
* هلك معتَقٌ عن: أخت ، وابن معتِق ، وابن ابن معتِق.
الحل
أخت المولى المعتَق: ترث بالنسب .
ابن المعتِق : يرث بالولاءِ لأنه أقرب عصبة للمعتِق.
ابن ابن المعتِق: لايرث المولى لوجود عصبة أقرب منه للمعتِق.
*
ولا علاقة في سن الوراث بالولاء ولكن المعيار المعول عليه قرب العصبة من المعتِق -السيد- . مثال:
*
هلكَ معتِقٌ، وترك ابنين كبيرًا وصغيرًا ،ثم هلك المعتَق ولم يترك ورثة .
الحل:
تركةُ هذا
المعتَق -المولى - يرثُها الابنان بالسوية لأنهما على درجة واحدة من المعتِق - السيد-.

* *هلكَ معتِقٌ، وترك ابنين
كبيرًا وصغيرًا ،ثم هلك الابن الكبير وترك ابنًا أكبر سنًا من أخيه الذي هو الابن الأصغر للمعتِق ، ثم هلك المعتَق ولم يترك ورثة .
الحل
تَرِكَةُ هذا المعتَق -المولى - يرثُها الابن رغم أنه أصغر سنًا من ابن أخيه لكنه أقرب عصبة للمعتِق -السيد-.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

18-كيفية توزيع الميراث بالأرقام والعول والرد

المجلس الثالث والعشرون   تيسير علم المواريث الباب الثاني كيفية توزيع الميراث بالأرقام أولاً   : تحديد   أصل المسألة   وذلك بتوحيد مقامات نسب...